سعادة الصحابه بمحمد " صلى الله عليه و سلم "

لقد جاء رسولنا علي الصلاة و السلام الى الناس بالدعوه الربانيه , و لم يكن له دعايه من دنيا , فلم يلق اليه كنز , و ما كانت له جنه يأكل منها , و لم يسكن قصرا , فأقبل المحبون يبايعون على شظف من العيش , و ذروه من المشقه , يوم كانوا قليلا مستضعفين في الأرض يخافون أن يتخطفهم الناس من حولهم , و مع ذلك أحبه أتباعه كل الحب ...






حوصروا في الشعب , و ضيق عليهم في الرزق , و ابتلوا في السمعه , و حوربوا من القريه , و أوذوا من الناس , و مع هذا أحبوه كل الحب .




سحب بعضهم على الرمضاء , و حبس أخرون في العراء , و منهم من تفنن الكفار في تعذيبه , و تألقوا في النكال به , ومع هذا أحبوه كل الحب .



سلبوا أوطانهم و دورهم و أهليهم و أموالهم , و طردوا من مراتع صباهم , و ملاعب شبابهم و مغاني أهلهم , ومع ذلك أحبوه كل الحب .



ابتلي المؤمنون بسبب دعوته , و زلزلوا زلزالا شديدا , و بلغت منهم القلوب الحناجر و ظنوا بالله الظنونا , و مع هذا أحبوه كل الحب .



عرض صفوة شبابهم للسيوف المصلته , فكانت عل رؤوسهم كأغصان الشجره الوافره
( وكأن ظل السيف حديقه خضراء تنبت حولنا الأزهارا )
وقدم رجالهم للمعركه فكانوا يأتون الموت كأنهم في نزهه , أو في ليله عيد , لأنهم أحبوه كل الحب .



يرسل أحدهم برساله و يعلم أنه لن يعود بعدها الى الدنيا , فيؤدي رسالته , و يبعث الواحد منهم في مهمه ويعلم أنها النهايه فيذهب راضيا , لأنهم أحبوه كل الحب ,



ولكن لماذا أحبوه و سعدوا برسالته , و اطمأنوا لمنهجه , و استبشروا بقدومه , و نسوا كل ألم و كل مشقه وجهد و معاناه من أجل اتباعه ؟!
انهم رأوا فيه كل معاني الخير و الفرح , وكل علامات البرو الحق , لقد كان اّيه للسائلين في معالي الأمور , لقد أبرد غليل قلوبهم بحنانه , و أثلج صدورهم بحديثه , و أفعم أرولحهم برسالته .
لقد سكب في قلوبهم الرضا , فما حسبوا للاّلام في سبيل دعوته حسابا , و أفاض على نفوسهم من اليقين ما أنساهم كل جرح و كدر و تنغيص .
صقل ضمائرهم بهداه , وأنار بصائرهم بهداه , ألقى عن كواهلهم اّصار الجاهليه , وحط عن ظهورهم أوزار الوثنيه , و خلع من رقابهم تبعات الشرك و الظلام , و أطفأ من أرواحهم نار الحقد و العداوه , وصب على المشاعر ما اليقين , فهدأت نفوسهم , و سكنت أبدانهم , و اطمأنت قلوبهم , و بردت أعصابهم .
وجدوا لذة العيش معه , و الأنس في قربه , و الرضا في رحابه , و الأمن في اتباعه , و النجاة في امتثال أمره , و الغنى في الاقتداء به .

قال تعالى : " وما أرسلناك الا رحمه للعالمين " , " و انك لتهدي الى صراط مستقيم " , " و يخرجهم من الظلمات الى النور " , " هو الذي بعث في الأميين رسول منهم يتلوا عليهم اّياته و يزكيهم و يعلمعم الكتاب و الحكمه و أن كانوا من قبل في ضلال مبين " , "و يضع عنهم اصرهم و الأغلال التي كانت عليهم " , " استجيبوا لله و للرسول اذا دعاكم لمل يحييكم " , " و كنتم على شفا حفره من النار فأنقذكم منها " , صدق الله العظيم .
لقد كانوا سعداء حقا مع امامهم و قدوتهم , و حق لهم أن يسعدوا و يبتهجوا .
يا ليلة الجزع هلا عدت ثانية سقى زمانك هطال من الديم
اللهم صل وسلم على محرر العقول من أغلال الانحراف , و منقذ النفوس من ويلات الغواية , وارض عن الاصحاب و الامجاد , جزاء ما بذلوا و قدموا .