كلمات تبكي المؤمنين

أشعار :
لما ضاقت بي الحيل . وتزاحمت بداخلي الأفكار . جلست معه . إنه أنا . و لكنه الجانب المنير مني . ذلك الجانب الذي لا يظهر مني إلا عند الأزمات . و بنفس سوداء سألته :………
أخبرني عـن الأرض كيـف بخـلت و لمـاذا اسـود الجـبـل ...
و أخبرني عن البهائم كيف كلت و لماذا أكل الذئب الحمل ...
و أخبرني عن القرون لم اندثرت و لماذا كتب على المترفين الزلل ...
و أخبرني عن الأقدام إن زلت أبكلمة جوفاء يتحقق الأمل ...
و أخبرني عن البريئة كيف ضلت و ذنب الأم إذا أصابـها الخبل ...
و أخبرني عن المعاصي إذا تفشت فهل يخرج من النحل العسل ...
و أخبرني عن عـقل الحكيم إذا تشتت و عن الـعابد كيف أصابه المـلل ...
و أخبرني عن السنة الحق كيف شلت فـطاف الباطل يزهو بغـير خـجل ...
و أخبرني عن الخطوب إذا ادلهمت و رأيت الفساد قد جاء على عجل ...
و أخبرني عن أمـة عريقة قـد ضلت فـهل دعـاء الصالحين يصلح الخلل ...
كـلا .. إذا مـا القـلوب بالـزيغ قـد ابتليت فلا بـأس بالموت إذا حان الأجل ...
نظر إلي بتعجب وقال لي
أرأيـت الأرض في دورانهـا كيـف تمسـكت بكل ثابـت وسـائب …
أرأيت الشمـوس في أفلاكهـا كيـف تعـلقت بنجـم ثـاقـب ...
أرأيت الريـاح كيـف سـخرت فمنهـا الكـريـم ومنهـا المعـاقب ...
أرأيت الأرزاق كيـف دبـرت وهل في الطيـور زارع أو كاسـب ...
أرأيت الأنعـام كيـف ذللـت وجـادت بـألبـانهـا لكـل حـالب ...
أرأيت النحـل كيف رشف رحيـق الزهور فأخرج الشفاء مشارب ...
أرأيت النمـل كيف خـزن طعـامه وهـل للنمل كـاتب أو حاسب ...
أرأيت الفـرخ كيـف نقـر بيضـه وخـرج في الـوقـت المنـاسـب ...
أرأيت العنـكبـوت كيـف نسجت و في الخيوط مصائد ومصائب ...
أرأيت الوليد كيف التقم ثدي الأم دون علم سابق أو تجارب ...
أرأيت الإنسـان إذا ضـحـك ... أرأيـت كيـف تثـاءب ...
أرأيت نفسـك نائمـا…. وقـد ذهبـت بـك الأحـلام مذاهـب....
إذا رأيت ذلك كله فاخشع ... فلا نجاة لهارب.
زلزلتني كلماته . فكأنه أغرقني في بحار من الحقائق . كيف ابتعدت عن خاطري ؟ قلت له : من تقصد ؟ . قال : أقصده هو الذي ……… قلت له بشغف : الذي ماذا ؟ فقال :
خلق السماوات و الأرض في ستـة أيـام وكان عرشـه عـلى المـاء...
خـلق الخـلق فـمنهـم السـعـداء و منهـم الأشقيـاء ...
محيـط بخـلقـه فـليس لهـارب منـه نجـاء ...
قـادر مقتـدر فكـل الممكنـات في قدرتـه سـواء...
سميع بصير يرى النملة السوداء في الليلة الظلماء ...
و يسمـع دبيبهـا عـلى الـصـخـرة الـصمـاء ...
أجرى الأمـور بحكمتـه وقسـم الأرزاق وفـق مشيئتـه بغـير عنـاء ...
لا يشغله شأن عن شأن فكل شئ خلق بقدر وكل أمر جرى بقضاء ...
قلت له : إذا فقد عرفتها بقدر و أحببتها بقضاء ؟ قال : أنظر من يستحق الحب ؟ إنها إن أغضبتها تغضب و عنك ترغب و منك تهرب . أما هو
من تبع شرعه والاه ، ومن تقرب إليه فاز بالتقريب ...
من أوى إليه آواه ، ومن استحيا منه فليس عليه تثريب ...
من توكل عليه كفاه ، و من التجأ إليه فالفرج قريب ...
من اعتصم به فهو مولاه ، ومن ارتجاه مخلصا لا يخيب ...
من ذكره خاشعا اجتباه ، ومن تاب إليه فهو منيب ...
من شكر عطاءه نماه ، ومن تواضع له نجا من التعذيب ...

أجبته وقد بدأ قلبي في الانشراح لكلامه : و لكني أجد في كل من حولي الشر ولا أجد الخير إلا معها . قال : أنظر جيدا حتى ترى . قلت : و ماذا أرى ؟ قال :
لقد جعل في السماء بروجا والنجوم لها مواقع …
ومن الرياح لوا قح ومنها المدمر ذو الفظائع …
ومن الجبال غرابيب سود وحمر وبيض نواصع …
وفى البحار أمواج مهلكات وفيها طعام ولؤلؤ وقواقع …
وفى الأرض صخر وحجر ومدر وفيها الجوهر اللامع …
ومن النبات حلو ومر ومن السموم نواقع …
ومن الدواب وحوش كاسرات وفى البهائم ركائب ومنافع …
ومن الطيور حاملات رسائل ومن الطيور فواسق ونوازع …
ومن الناس أهل للمعروف ومنهم من في الشر ضالع …
ومن الأيام إسعاد ومبشرات ومنها بالفتن والشرور طوالع …
أمور حارت البرية فيها ونور الحق للظلمات قاشع …
فالخير مراد في الأمور لذاته والشر في بعض الأمور براقع …
قلت له : و لكننا نهيم ببعضنا حبا . قال لي وهل تعرفان الحب ؟ أجبته : بالطبع . بل هل تعرفه أنت؟ . أجابني : لقد تعلمته منه . سألته : من ؟ قال :
ذلك الذي تلألأ نوره في جبين آدم من قبل أن يكون لآدم البنون …`
تبارك من بالحلم جمله ، وبأشرف العلوم كمله ، فنبعت من حكمته علوم وفنون …
صدره مشكاة نور ، وقلبه مصباح البدور ، زيته سر في الغيوب مكنون …
أنفاسه عبير ورود ، وكلامه دليل شهود ، وقلبه بحقيقة الحق مسكون …
السماء تعرفه ، والأرض مزهوة تحمله ، وسمع الزمان بصدق كلامه مشحون …
سلمت عليه الأحجار ، وأظلته بفروعها الأشجار ، وأرخى الذئب في حضرته الجفون …
خير من ركب المطايا ، وأكرم من منح العطايا ، وسلاحه من أجل طعامه مرهون …
انتصرت بشجاعته السرايا ، واحتمت بعدالته السبايا ، وحق الأسير في شريعته مصون…
اجترأ عليه قومه فكذبوه ، وتآمروا عليه فأخرجوه ، وفؤاده عليهم من خوفه محزون …
عيروه بفقره ، واتهموه في عقله ، فكيف عميت عن نوره العيون …
كلا من شاء الله هداه ، ومن أضله أعماه ، ولله في خلقه شئون …
أجبته : من تعني ؟ قال وقد امتلأ وجهه نورا وامتلأت نفسي شغفا :
خـــاتـم أنـبــيائـه ورســـلـه و مـصــطـفاه …
المحـفوظ بالعـناية ، والمحفـوف بالرعاية ، والأثـير لـدى مـولاه ...
ابـن الـذبـيح ، وبـشرى المسـيح ، ودعــوة المـنيب الأواه ...
مسك الحديث كلامه ، ورحمة من الله سلامه ، وشمس الشموس محـياه...
يقـيـنه الصـبر ، ورداؤه الـفـقر ، وقـرة عيـنه في الصــلاة ...
نـطـقـه ذكـر ، وصـمـته فكـر ، وكفلق الصبح رؤياه ...
تشرف الآذان باسمه ، وتطهر الأفواه بذكره ، وتهفو القلوب لرؤياه ...
تصديقه إسلام ، واتباعه إيمان ، وحبه حبل النجاة ...
أتم الإله نعمته عليه ، وبالجلال والكمال حباه ...
أسرى به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى وإلى السماوات العلى أرقاه ...
وأوصله إلى مستوى سمع فيه صريف الأقلام ومن عليائه ناداه ...
السلام عليك أيها النبي ورحمة الله ...
تعجبت . سألته : وهل في ذاك حب ؟ فأجابني : وهل الحب إلا ذاك ؟ أن تحب من يستحق . أن تكون رمزا للعطاء بلا مقابل . أن تكون قنديلا ينير للناس ظلمات الدنيا بل و الآخرة . أن تهيم حبا في خالق خلق وصور ورزق ودبر قلت له : ولكني أريد الخلود في عالم العشاق . أجابني : هنا يخلد العشاق على منابر من نور في مقعد صدق عند مليك مقتدر . أجبته : ولكن قيس ليلى و جميل بثينه و عنتر عبلة و غيرهم . أليسوا رموزا في عالم العشق ؟ قال : بل قل رموزا في عالم الضياع . فالقلب لا يسع إلا واحد . فمن ملأ قلبه بامرأة فأين الله في قلبه ؟ كيف يجتمع عشق الباقي و الفاني ؟ كيف يجتمع النور والطين ؟ من أحب الله كان في شغل به عن من سواه . ومن ادعى غير ذلك فقد كذب . قلت : وهي ؟ قال : قل لها لا تكوني " ليلى " بل كوني " رابعة " .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أنس محمّد علي anassmali@hotmail.com
http://www.mouassa.org/

شكرا ملهم و شكرا خالد
انشالله الكل بيقرؤوا هالموضوع و بيفكروا بمعاني هالكلمات

الله يوفق و يهدي المؤمنين